بين «الكارت الأحمر» والتقنين والإحلال… وضع «التوك توك» في مصر

تسعى الحكومة المصرية، مجددا، لترخيص المركبات ذي الإطارات الثلاث، والمعروفة باسم «التوك توك»، وتقنين وضع «التوك توك» في مصر، خاصة بعد شيوعه في عدد كبير من الشوارع المصرية منذ قرابة 15 عاما.
ويعتبر «التوك توك» وسيلة مواصلات ارتبط انتشارها أكثر في المناطق الشعبية، والعشوائيات، والريف. ومؤخرًا انتشر «التوك توك» في عدة محافظات، بالإضافة إلى ظهوره في أماكن متفرقة من العاصمة القاهرة، ما يجعله محل مطاردة من قبل السلطات في بعض الأماكن.

أصبح «التوك توك»، مصدر رزق لطبقى ليست قليلة من الشعب، خاصة أن قيادته لا تطلب إلى تراخيص في ظل الوضع الحالي. وصار الكثير من المواطنين يفضلونه لأنه يوفر عليهم عناء السير لمسافات طويلة، لسهولة دخوله شوارع وحواري ضيقة في مصر لا تتسع للسيارات الملاكي أو التاكسي.
اقرأ أيضًا: القلل القناوي.. سر الصنعة عند الصعايدة
وفي نفس الوقت؛ يظل «التوك توك» محل انتقاد من قبل طائفة كبيرة، بسبب مساهمته بنصيب كبير في ظاهرة الاختناق المروري، وتسببه في الفوضى، لأنه غير مرخص، ما يجعله شريكًا في عدد من الحوادث، مثل السرقة والتحرش وغيرها.

أرقام رسمية
وتقدر أعداد عربات «التوك توك» في مصر بين 3 و4 ملايين مركبة، وفقا لإحصائية أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وأعلنت وزارة التنمية المحلية في سبتمبر 2019 أن عدد عربات «التوك توك» المرخصة بجميع المحافظات هو 233 ألف مركبة.
اقرأ أيضًا: سيلفى والماضي خلفي| ظهور فريد للمطربة فيروز بصحبة ابنتها
وجاءت محافظة الدقهلية في المركز الأول حيث أصدرت 40 ألفا و409 تراخيص لـ”التوك توك”، ثم محافظة كفر الشيخ حيث بلغ عدد المرخص من “التوك توك” بها 22 ألفًا، ثم محافظة الغربية 22500، ومحافظة سوهاج 20952، ثم محافظة البحيرة بـ20256، ومحافظة الجيزة 180871، ثم محافظة الفيوم 16735 توك توك، ثم محافظة الشرقية 16597 مركبة، وبلغ عدد مركبات “التوك توك” المرخصة في محافظة المنيا 13229 “توك توك”، ومحافظة المنوفية 9525، ومحافظة أسيوط 8516، ومحافظة القليوبية 6128، ومحافظة الإسماعيلية 4092، ومحافظة بني سويف 3422، ومحافظة دمياط 3073، ومحافظة أسوان 2031، وفي شمال سيناء 933، وفقا لبيان رسمي من وزارة التنمية المحلية.
وتظل العربات غير المرخصة أضعاف المرخص، وهو ما يطرح التساؤلات حول آلية التقنين، إذ تسعى الحكومة المصرية إلى استبداله بسيارات «المينى فان» التي تعمل بالغاز الطبيعي والمعروفة باسم “التٌمناية”، والتي تتسع لسبعة ركاب بخلاف مقعد السائق.
محاولات التقنين
ووصل التوك توك إلى مصر في نهاية عام 2005 قادما من الهند، التي تعد المصنع الأكبر بالعالم لهذا النوع من المركبات، ثم بدأ ينتشر تدريجيًا في بعض الدول. ومنذ عدة سنوات، تسعى الحكومة المصرية إلى تقنين حال «التوك توك» في الشوارع، لكن قصة «التوك توك» بدأت بـ”كارت أحمر” من الحكومة لأصحاب عربات «التوك توك»، إذ قامت الحكومة بفرض الغرامات للمركبات غير المرخصة منه، فقد تم استصدار القانون رقم 121 لسنة 2008، الذي اعترف بضرورة ترخيص التوك توك، حيث يشير في المادة الخامسة إلى توفيق أوضاع التكاتك وترخيصها خلال 6 شهور.
اقرأ أيضًا: بعد تعليق توكتوك بالشروق.. عقوبات رادعة تنتظر المركبات المخالفة بالشوارع
وينص القانون الصادر عام 2008 على ” ألا تستخدم مركبات «التوك توك» إلا في نقل الأشخاص بأجر ، ووفقا للاشتراطات الفنية والتصنيعية التي يصدر بها قرار من وزير التجارة والصناعة . ويحصل عنها ضرائب والرسوم المقررة قانونا”. كما نص القانون أن لكل محافظ كل في دائرة اختصاصه تحديد أماكن وخط سير مركبات «التوك توك» وإعدادها ، بعد توافر الاشتراطات المشار إليها ، ويحظر تسييرها في العواصم واليها والطرق السريعة أو خارج الأماكن المحددة لسيرها في ترخيصها ، وذلك وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون”.
«التوك توك» في مواجهة الحظر
لكن القانون لم يكن كافيا لدفع الغالبية من أصحاب «التوك توك» إلى توفيق أوضاعهم وترخيص المركبات، مما دفع الحكومة المصرية إلى إصدار قرار بحظر استيراد «التوك توك» في عام 2014، في محاولة للحد من انتشاره الكثيف في شوارع الجمهورية. وصدر القرار من وزير التجارة والصناعة لوقف استيراد «التوك توك» ومكوناته والدراجات النارية، إلا أن قراراً أعقبه حمل رقم 107 لسنة 2014، بإضافة بنود تخص الإفراج عن الشاسيهات والمواتير لإنتاج التوك توك محلياً، وكانت تلك محاولات لمنع وجود التوك توك داخل مصر لكن في النهاية لم تضع حداً قاطعاً للأزمة.
وفي سبتمبر من عام 2019، عادت أزمة «التوك توك» إلى الواجهة مجددا، أعلنت الحكومة المصرية أنها تفكر في برنامج استبدال وإحلال «التوك توك» في بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل «الميني فان» وتعمل بالغاز الطبيعي، وهو ما تجدد في يونيو الجاري، إذ عقد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اجتماعًا لبحث آليات تقنين أوضاع مركبات «التوك توك» وتشجيع أصحابها على الترخيص، بحضور محمد معيط وزير المالية، واللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، ومسئولي الإدارة العامة للمرور والجهات المعنية.
اقرأ أيضا: مبادرة الإحلال.. استبدال «التوك الوك» بسيارة موديل العام
وأعلنت الحكومة المصرية في 2019 إن الهدف من ترخيص «التوك توك» لا تتوقف عىل ترخيص العربات ومنح التراخيص للسائقين فحسب، ولكن أيضا للتقنين أهداف بعيدة مثل القضاء على الأمية ومحاربة الإدمان، وتجارة المخدرات التي تتم من خلال «التوك توك»، بالإضافة إلى الحد من حوادث الطرق، وفقا للواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية.
البرلمان: «التوك توك» قنبلة موقوتة
وتأتي أبرز الانتقادات إلى «التوك توك» كونه متورطا في جرائم عدة، والتي تتقاطع مع عدم ترخيصه كونه بلا أرقام ولا سائقين لهم أوراق مسجلة. ويعد «التوك توك» واحدا من أبرز وسائل ارتكاب الجرائم الجنائية مؤخرًا داخل الأحياء والقرى، حيث يستخدم في ارتكاب العديد من الجرائم الجنائية من السرقة والخطف والاغتصاب والتحرش، وجرائم القتل وترويج وتهريب وبيع المخدرات، بالإضافة إلى المخالفات المرورية، فضلاً عن استغلال المواطنين من خلال غياب قواعد تنظم الأجرة، وكذلك ما يسببه من مشاكل كبيرة بسبب المشاجرات.
اقرأ أيضًا: ألقاب الفنانين.. هدية من الجمهور أم يمنحها الفنان لنفسه؟
وفي مارس الماضي طالب النائب البرلماني عبدالفتاح محمد عبدالفتاح بوقف استيراد قطع غيار «التوك توك»، قائلا أن «التوك توك» قنبلة موقوتة، وأن انتشارها واستيراد قطع غيارها في مصر أمر يحتاج إلى تشديد الرقابة من أجل الحفاظ على الأرواح. وطالب النائب البرلماني بعمل تحليل المخدرات لسائقي «التوك توك» لمنع الجرائم التي ترتكب بسببه.
كما طالبت النائبة البرلمانية منيرة الأشقر التصدي لمشكلات «التوك توك» قائلة: «أطفال أحداث راكبة التوك توك وبتعمل جرايم ومصايب، لازم يكون السائق بالغ ويتحدد حد أدني للسن».

مبادرة حكومية بشروط جديدة
ومن المقرر أن تتولى لجنة وزارية مشكلة من ثلاث وزارات تقنين «التوك توك» في مصر، وهي وزارة التنمية المحلية ووزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية، وذلك بحسب الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية لـ «الناس. نت».
وأوضح السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن سائقي «التوك توك» مجبر على تسجيل بياناته وبيانات المركبة حين تحدد اللجنة الوزارة فتح باب التسجيل، مفسرا في تصريحات تلفزيونية الأحد الماضي أن اللجنة سوف تحدد مدة زمنية يتم خلالها الترخيص، وبعد انتهائها سيتم مصادرة أي عربة «توك توك» غير مسجلة.
وفي رسالة طمأنة لأصحاب «التوك توك» ، يقول سعد إن اللجنة ستعمل على وضع قيمة مادية مخفضة لتناسب سائقي «التوك توك»، وأن الشروط التي ستضعها اللجنة ستكون ميسرة في محاولة لضم كل السائقين في محافظات الجمهورية.

وتابع سعد أنه بعد التسجيل سيحق لسائق التوك توك الاختيار إما الاحتفاظ بـ«التوك توك» أو الاشتراك في مبادرة الإحلال لاستلام عربة فان تعمل بالغاز الطبيعي ودفع الفرق على أقساط ميسرة، مضيفا أن في كل الأحوال، سواء السائق احتفظ بالتوك توك أو بعربة فان، سيكون هناك مسارات محددة لكل منهما، مثل منع السير في الشوارع الرئيسية أو الميادين الكبرى.
وصرح سعد أن وزارة الداخلية ستتولى دراسة المدة المقترحة للانتهاء من تراخيص جميع مركبات «التوك توك» الموجودة حالياً، حسب الطاقة الاستيعابية للوحدات المرورية، مع إمكانية تخصيص ساحات لأعمال الفحص، وإعطاء التراخيص خاصة بمركبات “التوك توك” لتيسير الإجراءات.
وتأتي مبادرة إحلال «التوك توك» بسيارات الفان ضمن مبادرة «إحلال السيارات» الرئاسية، والتي تسعى إلى إحلال السيارات القديمة التي مر على تشغيلها 20 عاما، سواء الملاكي أو الميكروباصات، ووفقا لطارق عوض المتحدث الرسمي باسم المبادرة، فإن المبادرة الرئاسية تدرس أن مالك التوكتوك سيتم التأمين عليه عند تقنين وضعه، وأنه بعد التأمين يمكنه الحصول على معاش بعد السن القانونية وحال حدوث أي مكروه له.