حكايا ناس

من يدفن ضحايا كورونا في نجع حمادي؟

في مستشفى حميات نجع حمادي، التابعة لمحافظة قنا؛ توفيت إحدى قريبات محمود علي، أحد سكان نجع حمادي، متأثرة بفيروس كورونا. وهكذا بدأت الأسرة رحلة شاقة من أجل العثور على مكان صالح لتغسيليها وتجهيزها للدفن. وسرعان ما استقر بها الوضع في مغسلة مستشفى فرشوط المركزي، والتي تبعد قرابة 20 كيلومتر عن نجع حمادي. لكن المتاعب لم تتوقف عند ذلك الحد، بل كان ينتظرهم ما هو أصعب، وهو كيف يمكن العثور على الشخص الذي سيقوم بتغسيل المتوفاة؟

يقول محمود علي: «بعد مشقة وتعب توصلنا إلى سيدة تدعى أم محمد، طرقنا بابها، ففتح ابنها الباب، وعندما أخبرناه، أن معنا دثة لسيدة متوفية بكورونا، ونريد من والدتم السرعة في تغسيلها عملًا بمبدأ إكرام الميت دفنه ، اشترط ابنها وجود سيارة خاصة لنقلها وتوريد 1500 جنيه مقابل عملها وإلا نشوف حد تاني».

مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا
مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا
الرجال والنساء في نفس الأزمة

يُعد العثور على مُغسّل لموتى كورونا، في قنا، من الأمور الصعبة، والتي تكاد تكون مستحيلة. فلا توجد أماكن للغسل، ولا يوجد مغسلون للموتى. ولا يقتصر الأمر فقد على السيدات المتوفيات بكورونا فقط، بل أن الموتى من الذكور يواجهون نفس المشكلة أيضًا في العثور على مُغسّل.

اقرأ أيضًا: كرامات الشيخ متولي.. قبلة المرضى وحارس الأرواح في قنا

«أبويا مات وملقيناش حد يغسله». تقول نجلة أحد وفيات فيروس كورونا في نجع حمادي، إن الفيروس انتصر على والدها، في أيام قليلة. وتوضح: «تم احتجازه في المستشفى منذ إصابته، ولم نستطع رؤيته، والأصعب أننا استغرقنا وقتًا طويلًا حتى نجد شخصًا يوافق على تغسيله».

المغسلة الجديدة بمستشفى نجع حمادي العام
المغسلة الجديدة بمستشفى نجع حمادي العام
حركة تطوعية لتكريم الموتى

كل ذلك دفع متطوعون في قنا، لإنقاذ الأسر من مشقة البحث عن مغسل لموتى كورونا. ومؤخرًا؛ بدأ ضياء ربيع، والشيخ فريد، بمساعدة غيرهم من أبناء قنا، في تدشين مبادرات تطوعية لتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم بالمجان، فضلًا عن تبرع أحد الأطباء ببناء مغسلة وتجهيزها بمستشفى نجع حمادي العام، لتغسيل الموتى هناك، بدلًا من نقلهم إلى فرشوط، والتبرع بحفر مقابر بالمجان لدفن الموتى في تحديات منهم لحل الأزمة.

مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا
مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا

يقول الشيخ فريد، أحد المتطوعين لتغسيل ودفن الموتى، في نجع حمادي، إنه يعمل لوجه الله، ولا يريد جزاء من أحد إلا الله. ويوضح أن كل ما يقوم به من أعمال تطوعية بالمجان، لمساعدة أسر ضحايا فيروس كورونا من الذكور.

اقرأ أيضًا: واقع دراسة الأدب في مصر.. هل يهبط الكاتب من السماء؟

«أصعب إحساسا، أن يفقد المرء شخصًا عزيزًا دون أن يتمكن من النظر إليه، أو زيارته في المستشفى، أو حتى حضور الغسل والدفنة». هكذا يقول الشيخ فريد، موضحًا؛ أنه قام بتغسيل وتكفين ودفن العشرات من ضحايا فيروس كورونا. أما في حالة وجود متوفية من الإناث، فإنه يذهب ويقف خلف الباب، ويشرح لأسرتها ما يفعلون من غُسل شرعي، في محاولة منه لمساعدة أسرة المتوفية.

مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا
مبادرات لدفن موتى كورونا بقنا

كوّن ضياء ربيع، المعلم في الأزهر، فريقًا من المتطوعين من الجنسين، في جنوب قنا، لتغسيل ودفن الموتى من الجنسين، بالمجان. وهو عمل تطوعي تماما، يحاول من خلاله تيسير السبل على أهل المتوفي لإكرامه ودفنه.

قام ضياء ربيع، بتغسيل وتكفين ما يقرب من 100 شخص من ضحايا فيروس كورونا، سواء داخل المستشفى، أو أماكن العزل المنزلي، وذلك عمل تطوعي تمامًا لوجه الله. موضحًا: «نشرنا أهداف المبادرة عبر «فيس بوك»، ووضعنا أرقام الهواتف التي نستقبل عليها الحالات، لسرعة التواصل».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى