تشتهر الأفراح الشعبية في المجتمع المصري بالزغاريد التي يطلقها الأمهات فتشع البهجة والسعادة وترسم الفرحة على لسان العروسين، كما أن الزغرودة المصرية لا تخرج فقط في العرس، وإنما أيضًا عند حدوث أمر سعيد مثل نجاح أحد أفراد العائلة، وتجد البنات الصغار يتعلمون تلك الحركات اللولبية بألسنتهم منذ أعوائهم الأولى في الحياة، حتى تسائل البعض عن الأصل التاريخي للزغرودة؟.
تتعدّد الأقاويل حول بداية ظهور الزغرودة المصرية، والموطن الأول لها. يقول الباحث في التراث الشعبي أيمن عثمان أن الزغرودة إفريقية ولها علاقة بالانتصارات، والرأي الأكثر ترجيحاً أنها جاءت من السودان وتحديداً من النوبة، حيث أن الزغرودة النوبية هي الأصلية وما دونها مجرد اجتهادات نسوية.
اقرأ أيضًا:أغرب حفل زفاف.. المعازيم بملابس الممرضين ما السبب ؟
وتابع: الزغرودة النوبية لا توجد بها حليات فهي تخرج بشكل محدد منذ سنوات، ولكن عندما وصلت الزغرودة إلى مصر ودول أخرى تم وضع بعض الحليات عليها وفقاً لعادة كل بلد، وبالتالي حدث تغيّر فيها، ومن المؤكد أيضاً أن الزغاريد انتقلت من خلال الغزوات والغجر، فالغجر وردوا لنا الزار وتستخدم فيه الزغروطة.
أما عن نسب الزغرودة للهند أو لعصر الجاهلية، فيوضح عثمان أنه في أيام الجاهلية كان التصفيق هو الغالب، وهناك عدد من الكتب التي تنسب الغجر للهند ولذلك تنسب لهم الزغرودة ولكن ذلك غير حقيقي.
الأصوات البدائية
ومن ناحية أخرى تقول العاملة في ترميم التراث المسموع في التليفزيون ريم خيري شلبي أن الزغرودة من الأصوات البدائية للإنسان قبل اختراع اللهجات التي بدأ يستخدمها الإنسان في التخاطب والتعبير عن نفسه، وكان ذلك عن طريق إخراج أصوات تشبه الصراخ للتعبير عن الخوف أو الاستغاثة. ثم بدأ الأمر يتطور بين النساء للتعبير عن مشاعرهم في الوقت الذي يتم قمعهم فيه.
وأضافت ريم أن الأمر تطوّر بعد ذلك، إلى أن أصبحت النساء تتحكم في الصوت بتنغيمه عن طريق اللسان واستخدام كف اليد لتحديد ما إذا كان الصوت للعديد والاستغاثة أم هو تعبير عن الفرح. والزغرودة من العادات القديمة التي ترجع لقبائل الأمازيغ وقبائل إفريقيا، وتصاحبها أحياناً بعض الكلمات كما يحدث مع الشوام والفلسطينيين. وهناك بعض أنواع من الطيور لها نفس الصوت.
اقرأ أيضًا:«العيدية».. فرحة الكبار والصغار مهما اختلف الزمن
الأمثال الشعبية
واستخدمت الزغرودة في الكثير من الأمثال الشعبية المصرية والعربية، وعبّرت عن الأفراح والأحزان، وأيضاً كانت موضع سخرية من أوضاع اجتماعية.
ومن بين الأمثلة التي جاءت فيها الزغرودة، “الحزن يعلم البكاء والفرح يعلم الزغاريد”، ويُستخدم هذا المثل كدعوة للتفاؤل بأن من يحب الفرح سيلازمه طوال الوقت والعكس.
ومن الأمثلة الأخرى، “ألف دعوة ما مزّقت قميص، وألف زلغوطة ما جوّزت عريس”، ويدل هذا المثل اللبناني على أن الزغاريد ليست كافية ليتزوج الرجل.
“زغرطي يا اللي منتش غرمانة”، وهذا المثل المصري يسخر من المرء الذي يحصل على شيء بسهولة دون أي مجهود منه، و”الزغاريد أكثر من الكسكسي”، وهذا المثل التونسي يتحدث عن هؤلاء الأشخاص الذين يهتمون بالمظاهر فقط.
والزغرودة لها أسماء مختلفة، فيُقال عنها أيضاً “الزغروطة”، و”الهلهولة”، و”اليباب” و”الغطرفة”، كما هو معروف في دول الخليج العربي، وفي الشام يُطلق عليها “المهاهاة”، وتعني المباركة وتشتق من الفعل “هأهأ”، ومعناه الدعاء أو الزجر، وفي المغرب العربي يُطلَق عليها “التزغريطة”.
كما أن الزغرودة في اللهجة العامية السورية يُطلق عليها “الزلغوطة”، وأن الفعل يحمل معاني ودلالات تؤثر على الكيان النفسي للفرد والجماعة. وتُستخدم في مناسبات مختلفة غير مترابطة.
كما يُطلق على الزغرودة في الهند اسم “جوكار”، وهي إحدى الموروثات القديمة، ويعود أصلها لولاية بنغال، شرقي الهند، ويعتقد الهنود أن الزغرودة تعمل على طرد الطاقة السلبية من الجسم.
