نادر عيسى يكتب: بطاقة تموين لـ«دي كابريو»


صدمني للحظات قليلة تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح السبت 16 أكتوبر 2021، بأن هناك بطاقة تموين كانت باسمه بإحدى قرى المنيا، ويصرف الذي نجح في استخراجها المقررات التموينية بانتظام.
لكن تلك الصدمة لم تدم طويلاً على الإطلاق؛ فشلال العجائب في مصر لا ينتهي، و«كل يوم بيفوت ويمشي ساب أكيد.. من الغرائب في ذاكرتنا الكثير»، نرى أشياء لا يصدقها عقل. مثلاً من يتخيل أن يعيش شخص بهوية زائفة لضابط لمدة 40 عاماً. بل ويترقى حتى رتبة لواء. ثم يخرج نفسه على المعاش ويقيم حفلاً كبيراً بهذه المناسبة، ثم يعيّن نفسه بإحدى الجامعات المرموقة ويكون ثروة هائلة.. هائلة جداً. وغيرها الكثير والكثير من الوقائع التي يصعب تصديقها.
لكن وعملياً؛ مثل هؤلاء لا يجب معاقبتهم بالسجن بل يجب الاستفادة من إبداعهم وطاقاتهم الجبارة ومواهبهم الرهيبة في تقصي الجرائم وكشفها.
اقرأ أيضاً: «بطاقة تموين بإسمي بالمنيا»| تصريحات الرئيس السيسي عن الدعم والمخالفات
فمن أكثر الأفلام المحببة لقلبي والذي لا أمل من مشاهدته، Catch me If you can، لستيفن سبيبلرج وتوم هانكس وليوناردو دي كابريو، وتدور قصته باختصار حول «فرانك ويليام آباجنيل» ذلك الفتى صاحب الموهبة الفذة في النصب والتزوير وخلق القصص حوله، عمل طبيباً ومحامياً وطياراً، في النهاية؛ وبعد أن تم إلقاء القبض عليه، رأى المحقق في قضيته أن سجن هذا الشاب الصغير لن يفيد بلده وسيضيع مستقبل الفتى الصغير، فيقرر أن يلحقه بالعمل في مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي، FBI، لكي يستفيدوا من خبرته في تزوير الشيكات، وبالفعل استطاع ويليام كشف الكثير من الجرائم بمجرد النظر أو لمس الشيكات المصرفية.
بالضبط.. ما تفكر فيه هو ما أقصده.. لم لا؟، فتعالى نحاول أن نقترب معاً، من ذهن وعقلية هذا الرجل الذي بكل جرأة استخرج بطاقة تموينية تحمل الرقم القومي لرئيس الجمهورية، ليضع مستقبله على المحك من أجل حفنة سكر وزيت وصلصة ومكرونة مقصوصة وشاي العروسة، لكن بالتأكيد وراء هذه الفكرة – خارج الصندوق- بعضاً من المنطق، فهل سيفكر رئيس الجمهورية أن يستخرج بطاقة تموين لنفسه؟ الإجابة: 100% لا طبعاً. لكنه لم يكن يعلم أن فرحته لن تدوم طويلاً، لأن لدينا رئيس جمهورية يبحث وراء تفاصيل التفاصيل. ويحاول ليل نهار أن يقضي على مثل تلك الظواهر العجيبة والغريبة. يضع يده على كل ما يراه خاطئاً ومعيباً كي يصلحه ويقومه ويطوره.
لذا اقترح أن يتم إنشاء إدارة تجمع هؤلاء العباقرة، الذين سيكون لديهم بمجرد النظر، القدرة على اكتشاف الخبايا وطرق النصب الجديدة، ليتمكنوا بكل سهولة في معاونة الدولة لكشف آخر الحيل والألاعيب، ولتكن مثلاً كل قضية كبيرة يكشفونها مقداراً يخفف من سنوات العقوبة.
صاحب بطاقة التموين هذا ومن مثله.. قليل أن نرى شبيهاً لهم مرة أخرى.. ونحتاج إلى أدمغة تمتلك هذه القدرات.. وصدقني يا صديقي.. كل الأفكار العظيمة.. كانت مجنونة عند سماعها لأول مرة.