رأي الناس

إلى عمرو أديب.. ابحث عن «جادون» الشمعدان؟!

لم أتفاجأ برد فعل الإعلامي عمرو أديب على إحصائيات وأرقام العام 2021 عما يشاهده ويتابعه ويسمعه الملايين حول العالم وفي الوطن العربي على مواقع البحث، وجملته التي ظل يرددها: «انتوا بتشوفوا إيه.. انتوا بتتابعوا ايه» فغسيل الأيادي من دماء الضحايا أبسط ما يكون عند الوقوف أمام مرآة الحقيقة.
وكما يحب أن يردد عمرو أديب – مذيعي المفضل- حول دراستنا للإعلام في مدرجات وسكاشن كلية الإعلام جامعة القاهرة، فهذا يا صديقي هو حال الدنيا منذ أن خلق الله الصحافة؟، ولا تنسى الـ3S وهو مصطلح انطلق مع الصحافة الورقية أن أكثر ما يشد القراء هو «Sports, Sex, Scandals». أي أن أكثر ما يشغل بال القراء هي هذه العوامل الثلاثة التي تبدأ بحرف الـS، الرياضة والجنس والفضائح.
وهذا هو حال الإنسان يسعى للممنوع، يسعى للموضوعات والتقارير التي تنبش فيما يرفضه في العلن، ويحبه في الخفاء. ولكن نحن لسنا في مقاعد المتفرجين، نحن -للأسف- على المسرح، نقدم لهم الخبز اليومي لعقولهم ثم نترك لهم حرية اختيار أي نوع يحبون أن يضعوه على مائدتهم.

اقرأ أيضاً: نادر عيسى يكتب: بطاقة تموين لـ«دي كابريو»

وبالعودة للوراء قليلاً، مع تدبر؛ ففي التسعينيات من القرن الماضي، لم يكن أحد في مصر إلا ويبحث عن جادون العجلة، ليربح عجلة طاهر القويري من الشمعدان. وأيضاً كان كل حديث المجالس عن الفنانة التي تصعد إلى غرفة نومها بالسيارة، أو ديانة أحد الممثلين الذي قيل أن أمه اسمته محمد من أجل أن يعيش وهو مسيحي. كيف أصيبت تلك الفنانة بالعمي بعد أن ضربها زوجها في عينها. ولدينا الكثير والكثير من تلك الشائعات التي انتشرت كالنار في الهشيم في وقت لم يكن هناك سوشيال ميديا ولا يحزنون، في وقت كان أقصى طموحنا أن يتم استلام الخطابات في 3 أيام، كان طبيعياً أن تتصل تليفونياً بالهاتف الأرضي فتعرف أنه غير موجود أو نائم، فتعاود الاتصال به لاحقاً، الآن يمكنك أن تحاصر شخص لا علاقة لك به من قريب أو بعيد على الهاتف وإن لم يكن فعلى الفيس بوك أو واتس آب أو تيليجرام أو انستجرام.
أما الآن فكل شيء تغير؛ الشائعة لا تأخذ إلا ثوانٍ معدودة، الشائعة الآن يدفع لها أصحابها أموال طائلة من أجل أن تنتشر على مواقع التواصل. بلا رقيب أو حارس للبوابة -نظرية حارس البوابة إحدى النظريات الكلاسيكية في الإعلام-، وللأسف أيضاً للأسف؛ هذه هي الوظيفة الأهم الآن لنا – نحن معشر الصحفيون- أن نكون حراساً للبوابة، أن نفصل بين السوشيال ميديا وقنوات الإعلام تماماً، فليس كل ما يعرض على الهواتف ويشاهده الناس في لحظة ملل في قطار أو مترو، يستحق أن يظهر في التليفزيون أو على صفحات الجرائد ومواقعها الإليكترونية، وهذا ليس وضع للرأس في الرمال كالنعام.. بالتأكيد لا.. ولماذا؟.
لأن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تجاري السوشيال ميديا.. مهما فعلت.. وهذا ما حدث، حاولت الصحف والمواقع الإليكترونية وبعدها التليفزيون والراديو أن يدخلوا ذلك السباق، فبلعهم طوفان التريند بكل سهولة. وأصبحوا ليس فقط رد فعل، بل مسخ باهت من عالم السوشيال. لا أنت استطعت أن تسبقها ولا حتى تقدم ما تقدمه.
في النهاية؛ الإعلام يعطي الصك والختم الرسمي لأي تريند على السوشيال، ويقف متفرجاً دون أن يحاول أن يأخذ خطوة للأمام. وكما هناك ملايين يتابعون «أبو أحمد.. خدني الكوافير» فهناك أيضاً ملايين يتابعون أشياء أخرى قد تكون أفضل.. أهم.. أكثر قيمة، الله أعلم. طالع قناة يوتيوب ناشيونال جيوجرافيك. المائدة مليئة بالطعام وكل ينتقي ما يريد، ومن يريد أن يبحث عن «جادون» القويري سيجده، ومن يريد أن يبحث عن قيمة سيجدها. الأهم أنت عمّا تبحث؟.

اظهر المزيد

نادر عيسى

مؤسس ومدير المحتوى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى