حكايا ناسسلايدر

فلسطينية تحوّل محل مهجور لفضاء ثقافي مفتوح على شوارع «الخليل»

محل تجاري صغير بمدينة الخليل؛ يعود تاريخه إلى المئات من السنين، شابة فلسطينية حولته إلى مكتبة وفضاء ثقافي مفتوح على الشارع.
ونجحت الشابة الفلسطينية «عبير عسيلي»، المتحصلة على شهادة البكالوريوس في الحاسوب، أن تفتتح مكتبة في محل كان لبيع اللحوم تملكه عائلة زوجها، قبل أن يغلق أبوابه وتعيد لجنة الإعمار ترميمه وتأهليه ليصبح فضاء ثقافيا غنيا بالكتب والروايات من مختلف المجالات.
قالت عبير، التي كانت تشرف على عدد من الطلاب جلسوا للدراسة في مكتبتها، “المكتبة طابعها قديم، أحاول أن أجمع الكتب القديمة حتى أجعل الرواد يعيشون في أجواء تاريخية ويشعرون بالأريحية”، بحسب صحيفة العرب.
وقالت عبير التي تعمل أيضا على الحصول على شهادة الماجستير في اختصاص الكمبيوتر إن هدف افتتاح مكتبتها الثقافية في البلدة القديمة جاء لإحياء المكان ولتشجيع الناس على زيارتها، وإعادة الاعتبار للكتاب في ظل عصر السوشيال ميديا.
1829 محلا في الخليل القديمة منها 512 محلا مغلقة بأوامر عسكرية إسرائيلية و600 محل يمكن لأصحابها فتحها لكنها مغلقة
وبينت السيدة الفلسطينية التي تعشق رائحة الخليل القديمة أن العديد من الأطفال يشترون الكتب ويستعيرونها، وأن المكان يتسع لمن أحب منهم الجلوس بالمكتبة والقراءة بعيدا عن صخب المدن وأصوات الباعة وضغوطات الحياة.

متبرعون بالكتب القديمة

رواد المكتبة

رواد المكتبة
وأشارت إلى أن العديد من المواطنين يتبرعون بالكتب القديمة التي يمتلكونها إلى المكتبة، وأنه صار لديها بفضل تلك التبرعات من الكتب الكثير، وتستغل وقتها وانشغالها بالمكتبة لتعريف السياح الأجانب على وجه الخصوص بالبلدة القديمة وحواريها.
وتطالب عبير المواطنين الفلسطينيين بضرورة زيارة البلدة القديمة، كما يزورها السياح، والتوافد عليها على طوال العام وتغيير الصورة النمطية عنها، كونها المكان الأقرب إلى النفس لما فيها من معالم دينية وتاريخية وثقافية.
وتشكل مدينة الخليل نموذجا للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على الأرض، فهناك شوارع داخل المدينة مغلقة أمام الفلسطينيين وأخرى يمرون منها بعد الخضوع للتفتيش.
ويخشى الفلسطينيون أن يسيطر المستوطنون على المزيد من العقارات في المدينة التي تحمل الخصوصويات المعمارية والتاريخية للفلسطينيين بحجج وذرائع مختلفة، منها أنها كانت ملكا لهم في الماضي.
وتسعى السلطة الفلسطينية وبلدية الخليل ولجنة إعمار البلدة القديمة إلى إقامة مكاتب حكومية والقيام بأعمال ترميم.
وأوضحت عبير أنها طورت مشروع مكتبتها ليكون مربحا ماديا من خلال إعارة الكتب والبيع عن طريق الإنترنت وليكن فضاء ثقافي مفتوح.
وقالت “أردت أن تفوح رائحة الكتب والثقافة في البلدة القديمة ليكون هناك تنوع وليس فقط محلات أكل وحلويات وتحف للسياح لكن أيضًا فضاء ثقافي مفتوح ”.
وأضافت “افتتاح مشروع في البلدة القديمة لم يكن سهلا. هذا المكان الذي نحاول أن نؤسس فيه مكتبة يعكس الصورة الثقافية للفلسطينيين، وليكون بوابة للدفاع وحماية للمكان من المستوطنين”.
وتشعر عبير بالفخر لأنها كما قالت “أول بنت في البلدة تفتح مكتبتها الخاصة”.
وقالت “لما شاهدت النساء كيف فتحت مشروعي الخاص مثل صديقتي لبنى أبوتركي التي افتتحت محلا لإنتاج الصابون الطبيعي، صرن يؤمنّ بأنهن يستطعن أن يحذون حذونا”.
وتضيف “قرعت الجرس حتى نعزز صمودنا في مكان الأجداد”.

لجنة إعمار الخليل
المكتبة
المكتبة

ونجحت لجنة إعمار الخليل على مدار السنوات الماضية من خلال دعم محلي ودولي في إعادة بعض السكان إلى منازلهم ومحلاتهم التجارية في البلدة القديمة بعد ترميمها.
وقال عماد حمدان مدير اللجنة “نجحنا في ترميم 2500 وحدة سكنية عدا المشاريع التي لها علاقة بقطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم والقطاع الاقتصادي والسياحي”.
وأضاف “عملنا على إيجاد مسار سياحي وترميم فندق ومتحف ومصنع للزجاج، وكذلك ترميم الحرم الإبراهيمي الشريف”.
وأوضح حمدان أن اللجنة تبذل كل ما بوسعها لإعادة أصحاب المحال التجارية في البلدة القديمة إليها، ومن لا يريد العودة تجد له من يستأجر منه المحل.
وقال “نحن نتحدث عن 1829 محلا في البلدة القديمة لنا منها 512 محلا مغلقة بأوامر عسكرية إسرائيلية، معظمها في شارع الشهداء وسوق الخضار، وهناك محلات يمكن لأصحابها فتحها لكنها مغلقة، عددها حوالي 600 محل”.
أضاف “نحن نشجع السيدات اللواتي لديهن مشاريع ريادية على افتتاح هذه المشاريع في البلدة القديمة”.
وذكر حمدان أن إضافة إلى السيدتين اللتين افتتحتا المكتبة ومصنع الصابون في البلدة القديمة، هناك عدد آخر ممن لديهن محلات التحف والهدايا في البلدة القديمة.
ويبدي حمدان مخاوف من زيادة سيطرة المستوطنين على محلات وعقارات جديدة يدعون ملكيتها، خصوصا في ظل وجود حكومة يمينية في إسرائيل.
وقال “بدأت هذه الحكومة بتنفيذ مخططاتها بالاستيلاء على المزيد من العقارات في البلدة القديمة، ومنها مبنى البلدية القديم ومبنى مجاور، بادعاء أن هذين المبنيين تعود ملكيتهما لهم”.
وأضاف “نتوقع الأسوأ للبلدة القديمة في ظل هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ولكن مسيرتنا في عملية الترميم وتشجيع الناس على العودة إلى منازلهم ومحلاتهم التجارية في البلدة القديمة مستمرة”.
ويسكن في البلدة القديمة في الخليل الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة حوالي عشرة آلاف فلسطيني و500 مستوطن.
وتأمل عبير في أن تكون نموذجا تحتذيه سيدات أخريات لتعود الحياة إلى البلدة المسجلة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعدما أغلقت العديد من المحال التجارية أبوابها خلال السنوات الماضية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى