
◄| مديرة “أتيليه بروكنر”:الشعب المصري هو قلب المشروع.. وتوت عنخ آمون ما زال يتحدث إلينا حتى اليوم
في رحلةٍ استمرت عشر سنوات كاملة، خاضت المصممة العالمية شيرين بروكنر، المؤسِّسة المشاركة والمديرة التنفيذية لأتيليه بروكنر في شتوتجارت بألمانيا، تجربة فريدة من نوعها لتصميم معرض كنوز الملك توت عنخ آمون داخل المتحف المصري الكبير، أكبر مشروع متحفي في العالم.
منذ لحظة اختيار مكتبها لتصميم المتحف، أدركت بروكنر حجم المسؤولية، فكما تقول:
«كنا نصمم موطنًا جديدًا لكنوزٍ تنتمي إلى قلب الإنسانية كلها».
بداية الرحلة

بدأ العمل على المشروع منذ ما يقرب من عشر سنوات، وكان التحدي الأكبر هو تحويل الأبعاد الأثرية والإنسانية لكنوز الملك إلى تصميم مكاني متكامل خلال ستة أشهر فقط.
عمل فريق بروكنر جنبًا إلى جنب مع الأمناء والمُرمّمين المصريين، الذين وصفتهم بأنهم «مصدر إلهام دائم بتفانيهم وإخلاصهم».
«كنا نشعر أننا نعمل مع أشخاصٍ لا يحافظون على آثارٍ فقط، بل على ذاكرة البشرية نفسها».
توت عنخ آمون.. ملك ما زال حيًا في الوجدان
تقول شيرين بروكنر إن كل قطعة من المجموعة تحمل سحرًا خاصًا لا يمكن وصفه بالكلمات، مشيرة إلى أن أكثر ما أثّر فيها هو البعد الإنساني للملك الشاب.
«عبر هذه القطع، لا نرى ملكًا فقط، بل إنسانًا عاش قبل أكثر من 3 آلاف عام وما زال يتحدث إلينا حتى اليوم».
وتروي أنها وقفت داخل مركز الترميم في الجيزة تتابع باهتمام كيف يتعامل المصريون مع القطع بحذرٍ واحترام، «حينها شعرت أن هذه الكنوز لا تزال حيّة، تربط الماضي بالحاضر والإنسان بالإنسان».
تصميم قاعة توت عنخ آمون.. رحلة الضوء والشمس

يعتمد تصميم القاعة على عنصرين أساسيين:
مسار العرض – شريط أسود على الأرض يحمل جميع القطع ويربط بينها.
مسار الشمس – خطّ ضوئي على السقف مستوحى من الأساطير المصرية القديمة، يرمز إلى دورة الحياة.
توضح بروكنر أن المسارين يشكلان معًا «رحلة بصرية وروحية» تمزج بين الحياة والموت والبعث، وتجعل المعرض يبدو كـ«جوهرة مزروعة داخل هيكل المتحف المتحف المصري الكبير».
المتحف المصري الكبير.. تجربة تدعو للفخر والانتماء
تؤكد شيرين بروكنر أن المتحف المصري الكبير لم يُبنَ للسائحين فقط، بل للشعب المصري في المقام الأول.
«منذ البداية شعرنا أن قلب المشروع مصري خالص، أردنا تجربة تُشعل الفخر والانتماء والشغف».
وترى أن المتحف سيكون مساحة حية يتواصل فيها المصريون مع تاريخهم وهويتهم، «ليس كشيء من الماضي، بل كجزءٍ من حاضرهم ومستقبلهم».
الضوء بطل الحكاية

يروي المعرض قصة حياة توت عنخ آمون عبر خمس محطات رئيسية:
شخصه
حياته
دفنه
عبوره إلى العالم الآخر
اكتشاف مقبرته
وتقول بروكنر إن الضوء هو العنصر الأهم في تصميم القاعات، لأنه يمنح القطع عمقًا وهيبةً وحضورًا عاطفيًا قويًا.
أما الألوان والخامات فبقيت هادئة ومحايدة لتُبقي التركيز على الكنوز نفسها.
«كل قطعة هي راوٍ للحكاية، تنقلنا من فصل إلى آخر كأنها جسر من ذهب».
رسالة من الماضي إلى المستقبل
المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى أو مشروع هندسي، بل «رسالة حيّة من الماضي إلى المستقبل».
«المتحف يحمل توقيع المصريين، ويروي للعالم قصة حضارةٍ لا تزال تنبض بالحياة بعد آلاف السنين».
 


